المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, 2025

(21) سورة البقرة- سرّ مكث آدم عليه السلام في الجنة مقدار جزء من النهار

      المقدمة : حديثنا اليوم يتناول مسألة دقيقة وردت في القرآن والسنّة وأقوال المفسرين: لماذا لم يمكث أبونا آدم عليه السلام وزوجه في الجنة إلا مقدار جزء من النهار؟ وما الحكمة التي أرادها الله من ذلك؟ هذا الدرس محاولة لبيان ما تضمّنه هذا الحدث من أسرار: بدءًا من خلق آدم عليه السلام، ثم دخوله الجنة وخروجه منها، وما تعلّمه من الغيب، وما ورثته ذريته من دروس في الطاعة والتقوى، حتى نصل إلى المعنى الأعمق وهو أن الجنة دار خلود لا تُنال إلا ببذل النفس والمال، والتحقق بصفة التقوى .

(20) سورة البقرة - سرّ الدعاء الأول لآدم وزوجه عليهما السلام ودلالاته العظيمة

المقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ﷺ، ورضي الله عن آله وصحبه أجمعين. موضوعنا اليوم يتناول أول دعاء في تاريخ البشرية، وهو دعاء أبينا آدم وزوجه عليهما السلام حين وقعا في المعصية فأكلا من الشجرة، ثم توجها إلى ربهما بالدعاء: ﴿قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴾ [الأعراف: 23]. هذا الدعاء يجمع معاني التوحيد والاعتراف بالذنب، وطلب المغفرة والرحمة، واليقين أن النجاة لا تكون إلا برحمة الله. وهو يُظهر طبيعة الإنسان المجبولة على الضعف والوقوع في الخطأ، وفي الوقت نفسه يبيّن كرامته حين يتوب ويرجع إلى ربه، فيصبح أقرب إلى صفاء الروح وسكينة النفس. ومن خلال هذا الدعاء نفهم أن الابتلاء واحد للرجل والمرأة معًا، وأن كليهما مكلَّفان بالعبادة والتوحيد، وأن رحمة الله متاحة لهما متى عادا إليه صادقين. فهو درس خالد لكل ذرية آدم: أن سبيل النجاة يبدأ بالاعتراف بالتقصير، ويمر بالتوبة، وينتهي بالثبات على عبادة الله وحده دون شريك.  

(19) سورة البقرة - الملائكة والجن وآدم عليه السلام: أسرار الابتلاء وحِكَم الاستخلاف

    المقدمة : الحمد لله الذي خلق الخلق بحكمته، وجعل الابتلاء سُنّة ماضية في الملائكة والجن والإنس، ليظهر من يطيع أمره ممن يعصيه، ومن يستجيب لهدى الوحي ممن يتبع الهوى. والصلاة والسلام على سيدنا محمد ﷺ، الذي بيّن للناس معاني الهداية، ودلّهم على عبادة الله وحده لا شريك له . إن موضوع الابتلاء من أعظم أبواب المعرفة، إذ نقرأ في القرآن الكريم عن ابتلاء أبينا آدم عليه السلام، وابتلاء إبليس من الجن، وابتلاء الملائكة حين أخبرهم الله بجعل الإنسان خليفة في الأرض. ومن خلال هذه القصص يتجلى لنا أن كل مخلوق، على اختلاف طبيعته: من نور، أو نار، أو طين، إنما هو داخل في دائرة الامتحان، وفق ما أودع الله فيه من خصائص . وفي هذا الدرس سنتأمل الحكمة من هذه الابتلاءات الثلاثة، وكيف أنها تكشف عن سرّ الخلق، وعن أن الله وحده هو العليم الحكيم، الملك الحق، الرحمن الرحيم، المستحق وحده للتسبيح والقداسة .

(18) سورة البقرة : الاستخلاف والتسبيح بالاسماء الحسنى ودلالتهما على كرامة الانسان

    المقدمة : الحمد لله الذي خلق الإنسان وشرّفه بالعلم، وعلّمه الأسماء كلها، وجعله خليفة في الأرض ليعمرها بالحق والعدل، ويكون شاهدًا على وحدانيته وتنزهه سبحانه. والصلاة والسلام على سيدنا محمد ﷺ، الذي بلّغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، ورضي الله عن آله وأصحابه أجمعين . إن موضوع كرامة الإنسان موضوع عظيم ورد ذكره في القرآن الكريم منذ بداية خلق آدم عليه السلام، حيث علّمه الله الأسماء كلها، وأمر الملائكة بالسجود له تكريمًا وتشريفًا. لكن هذه الكرامة لم تقتصر على العلم وحده، بل شملت جوانب أعمق، منها: شهادة الإنسان على وحدانية الله وصفاته، وقدرته على التسبيح والتنزيه من خلال كشف أسرار الخلق، وتزكية النفس، وذكر أسماء الله الحسنى في حالاته المختلفة . ولأن الإنسان مخلوق مكلَّف يواجه الابتلاء والاختبار، فإن شهادته على ربه تكون أعمق من شهادة الملائكة، لأنها تنبع من التجربة والمعاناة، ولأنها مقرونة بالخوف والرجاء، وبالسعي لنيل الخير في الدنيا والآخرة. وهذا ما يجعل الإنسان مكرمًا عند الله، مستخلفًا في أرضه، قادرًا على أن يكون آيةً على عظمة ...