المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2025

(17)"سورة البقره - سرّ استخلاف آدم وذريته في الأرض

    المقدمة : الحمد لله الذي خلق الإنسان من طينٍ، ونفخ فيه من روحه، فشرّفه بالعقل، وفضّله بالتكليف، واختصّه بحمل الأمانة، وجعله خليفةً في الأرض، يتعبد الله بعمارتها بالحق والعدل، ويُظهر فيها صفات ربه بالتسبيح والشهادة والطاعة. والصلاة والسلام على سيّد الخلق وإمام المرسلين محمد ﷺ، الذي بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين . إنّ موضوع الاستخلاف في الأرض من أعظم الموضوعات القرآنية، فقد تحدّث عنه القرآن منذ بداية خلق آدم عليه السلام، حين أعلن الله للملائكة : " إني جاعل في الأرض خليفة " . وهذا الاستخلاف لم يكن حكرًا على آدم وحده، بل سُنّة إلهية متواصلة مع نوح وإبراهيم ويوسف وموسى وشعيب وداود وسليمان عليهم السلام، بل ومع أمة محمد ﷺ التي حمّلها الله مسؤولية الشهادة على الناس جميعًا . ويتجلّى سرّ الاستخلاف في أمرين عظيمين : 1.    أن الإنسان مخلوق متميّز عن الملائكة والجن بحرية الاختيار، فهو يواجه ابتلاءات الشهوة والهوى، ويقف أمام امتحانات الدنيا والآخرة . 2.    أن الإنسان مُنح القدرة على التوبة، والرجوع إلى الل...

(16) سورة البقره - حكمة خلق الأرض قبل السماء وتمهيدها: تأملات في الآيات ودلالاتها

المقدمة : في هذا الدرس المبارك، نقف وقفة تدبّر وتأمل مع آيات من كتاب الله العظيم، لنتعلّم منها الحكمة العميقة التي تتجلى في ترتيب خلق الله تعالى للأرض أولًا ثم السماء، وفي تسوية الأرض لاحقًا وتمهيدها، وما في ذلك من أسرار ربانية وهداية إيمانية . سنستعرض خلال هذا اللقاء الآيات القرآنية التي ذكرت هذا الترتيب، ونتأمل تفسير العلماء لها، ونربطها بمعرفة الإنسان لربه، وبمراحل الإيمان التي تبدأ بشهود الذات الإلهية وتنتهي بتحقيق العبادة الخالصة، وإدراك الغاية من الوجود . فالموضوع ليس مجرد عرض لحقائق كونية، بل هو دعوة للتأمل في منهج الله في الخلق، وفهم كيف أن كل شيء في هذا الكون، من الأرض والسماء وما بينهما، ما هو إلا آية من آيات الله الدالة عليه، والتي تقود الإنسان إلى التوحيد، والطاعة، واليقين بلقاء الله عز وجل . نسأل الله تعالى أن يفتح لنا في هذا الدرس أبواب الفهم والبصيرة، وأن يجعلنا من عباده الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .

  (15) سورة البقره -  أسباب الخسارة وسبل النجاة

المقدمه : يتناول هذا الدرس موضوع "الخسارة" كما ورد في القرآن الكريم، حيث ذُكر لفظ الْخَاسِرِين  65 مرة، دلالة على أهمية هذا المفهوم في حياة الإنسان ومصيره. يوضح الدرس أن الخسارة لا تقتصر على خسارة دنيوية، بل تشمل خسارة أعظم : خسارة الآخرة ، والبعد عن رحمة الله . يفصّل الدرس أنواع الخسارة من خلال آيات القرآن، بدءًا من أول خاسر في البشرية وهو قابيل الذي قتل أخاه هابيل، مرورًا بصفات المنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون العداء، إلى أولئك الذين أنكروا لقاء الله، أو ضلّوا عن الحق ولم ينصروه، رغم ما أُوتوا من نعم كالمال، والعقل، والرغبة . يُظهر الدرس أن الإنسان خُلق ومعه خمسة رؤوس مال أساسية   ومن لم يسخّر هذه النعم لنيل 13 خصلة من النجاة (6 أركان الإيمان + 5 أركان الإسلام + الإحسان)، فهو خاسر . ويؤكد الدرس أن طريق النجاة متمثل في الإيمان، والعمل الصالح، والنصيحة بالحق، والصبر، كما بينت سورة العصر، التي خُتم بها الدرس . نسأل الله أن يجعلنا من الفائزين، وأن يجنبنا صفات الخاسرين. آمين .

(14) سورة البقرة –  "مَثَلُ البَعُوضَةِ: عَظَمَةُ الخَالِقِ فِي أَصْغَرِ مَخْلُوقَاتِهِ"

     المقدمه :   فقد أنزل الله عز وجل القرآن الكريم هدىً للناس، يضرب فيه الأمثال، ويبيّن من خلال أبسط الكائنات أعظم الحقائق. ومن بين هذه الأمثلة التي حيّرت العقول، قوله تعالى : ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ [ البقرة: 26 ]. في هذا الدرس، نقف مع هذا المثل القرآني العجيب الذي استخدم فيه الله تعالى "البعوضة" — هذا المخلوق الصغير الحقير في نظر الناس — ليدلّنا على آيات عظيمة من قدرته، وإبداع خلقه، ودقة صنعه، وحكمته البالغة . سنأخذكم في رحلة تأمل علمي وقرآني في البعوضة، لنتعرف كيف أن هذا الكائن الصغير يحتوي على أجهزة وأعضاء معقدة، ودور بيئي، بل وحتى دلالة إيمانية تربوية. وسنُظهر كيف كشف العلم الحديث شيئًا فشيئًا أسرارًا كانت مخبوءة في هذه البعوضة منذ أكثر من 1400 عام، ورد ذكرها في القرآن الكريم . ثم ننتقل إلى البعد التربوي من هذا المثل، وكيف أن الله شبّه بعض أهل الفساد والمنافقين بهذه البعوضة في سلوكها وأثرها، رغم صغر حجمها. لنكتشف في نهاية المطاف أن كل مخلوق مهما كان صغيرًا، هو دليل على وجود الخالق وقدرته وعلمه...