دروس سورة الفاتحه ( 6) أسرار "آمين" بعد الفاتحة ( ختم الدعاء وتوقيع العبودية )
مقدمة :
في هذا اللقاء
المبارك، نتأمل سويًّا في كلمة صغيرة عظيمة، نختم بها سورة الفاتحة في كل صلاة،
وهي "آمين"
هذه الكلمة ليست مجرد
ترديد لفظي، بل هي توقيع العبد على دعائه، وتعبير صادق عن خضوعه واستسلامه لمولاه،
ورجائه أن يتقبل الله سعيه، ويستجيب دعاءه، ويهديه الصراط المستقيم.
في هذا الدرس، نغوص
معًا في عمق معاني "آمين"، من حيث ارتباطها بالقبول، والغفران، والبركة،
والطهارة، والرجاء، وكيف كانت في سنة النبي ﷺ، ووردت في الأحاديث مع التنويه
بأهميتها في كل صلاة.
فهي ليست نهاية سورة
الفاتحة، بل بداية القبول والرحمة والخير إن شاء الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة لإخوتي
وأخواتي في هذا الجمع المبارك
نحمد الله العلي
العظيم، ونسأله أن يصلي ويسلم على نبينا الخاتم محمد ﷺ عددًا لا يُحصى، ونسأل الله
أن يرضى عن جميع الصحابة الكرام.
موضوعنا اليوم هو: حول المعنى العميق لقول "آمين" بعد تلاوة سورة الفاتحة.
بعد قراءة سورة
الفاتحة، يُستحب أن يُقال "آمين" وسنحلل قليلًا المعنى العميق الكامن في قول هذا
الدعاء بعد تلاوة الفاتحة.
من الناحية
العقائدية، يُستحب قول "آمين" بعد سورة الفاتحة. وقد ورد في سنن الترمذي
أن أبو هريرة (رضي الله عنه) روى:
كان رسول الله ﷺ إذا
قرأ: "غير المغضوب عليهم ولا الضالين"، قال: "آمين"، حتى إن الذين كانوا يقفون في الصف الأول والذين يقفون بالقرب منه
في الوسط كانوا يسمعون صوت "آمين" التي كان يقولها.
وفي سنن أبي داود وردت
رواية تقول: كان صوته مرتفعًا حتى كاد المسجد يهتز له.
وفي نفس المصدر، ورد
أن بلالًا (رضي الله عنه) قال "يا رسول الله لا تتركني خلفك عندما تقول (آمين)."
أما عن كيفية فهم
معنى دعاء التأمين (آمين)، ففي صحيح مسلم ورد:
إذا قال الإمام "ولا الضالين"، فقولوا "آمين"، فإن وافق قولكم قول الملائكة، غُفر لكم ما تقدم من ذنوبكم.
وقال الترمذي في شرح
الحديث: المقصود أن الله لا يخيّبنا. أما غالب العلماء ففسّروا الكلمة على أنها
تعني "اللهم استجب لنا."
وقد قال العلماء
أيضًا: إن قول دعاء التأمين (آمين) مستحب خارج الصلاة، ومؤكد في الصلاة، سواء أكان
المصلي منفردًا أو في جماعة.
والآن نحلل قليلًا
المعاني العميقة والنِعَم التي تتضمنها كلمة التأمين "آمين".
أجمع العلماء على أن
"الميم" الوسطى في "آمين" ينبغي تشديدها أثناء النطق، وهذه
نقطة يجب الانتباه إليها.
وكلمة
"آمين" تتكون من أربعة أحرف عربية، وسأقوم بقراءتها من أربعة جوانب
مختلفة تتعلق بعقيدة التوحيد والنعم التي منحها الله لنا.
سورة الفاتحة تنقسم
إلى قسمين:
قسم يُعنى بمدح وثناء
وتمجيد ربنا المربي،
والقسم الآخر يُمثل
دعاء العبد إلى ربه أن يستجيب دعاءه ويقبل طلبه.
وقد ورد في الأحاديث
النبوية أن الله سبحانه وتعالى سمّى سورة الفاتحة بـ"الصلاة"، ومعنى هذا أن الله جل جلاله قسّمها بنفسه إلى قسمين؛
فإذا كان العبد يطلب،
فإن الرب يُعطي ويُجيب،
وهذا هو الأساس الذي
تُبنى عليه قراءة دعاء التأمين (آمين) بعد الفاتحة.
ولكن، ما هو الطلب
الوارد في سورة الفاتحة؟
الطلب الأساسي هو: أن
يهدينا ربنا إلى الصراط المستقيم،
وهو الطريق الذي ليس
طريق المغضوب عليهم ولا طريق الضالين.
وقد فُسر الصراط
المستقيم على أنه دين الإسلام،
وهو الدين الوحيد
الذي يرضى به الله،
وهو الذي بعث به
الأنبياء، واشتمل على تفاصيل محددة من الأوامر والنواهي التي أرادها الله لنا.
النقطة الأولى التي يجب أن نتفكر فيها هي أن:
لأننا في الصلاة
مأمورون بأن نقرأ دعاء التأمين بعد سورة الفاتحة،
فهذا يعني أن كل عمل
صالح نقوم به، سواء فعلناه بالفعل أو نويت أن نفعله، يجب أن نسأل الله أن يتقبله
منا.
ذلك لأن كل خير نفعله
إنما هو لله وحده،
والدعاء الأول الذي
نرفعه إليه هو أن يتقبل منا أعمالنا الصالحة.
ولأننا نكون في
الصلاة — وهي عبادة لها اتجاه معين —
ففي الفريضة يجب أن
نتوجه إلى القبلة (الكعبة)،
أما في صلاة النوافل،
فيمكن أن يُصلى تجاه الشرق أو الغرب، حتى لو كنت على ظهر دابة.
فهذا يدل على أن الله
حدد لنا اتجاهًا،
مع أن ذاته سبحانه
وتعالى لا يحده زمان ولا مكان،
فهو منزّه عن كل قيود
الزمان والمكان والفئات.
ولأننا لا نراه في
هذه الدنيا، ولا نستطيع الوصول إليه بوسائلنا الحسية،
فإننا عندما نصلي
ونقف قيامًا في الصلاة، فإن قيامنا هذا يرمز إلى سعينا لرؤيته في الجنة،
أي في ذلك المقام
الأعلى الذي يكون فيه أقصى درجات النعيم: رؤية وجه الله الكريم.
لذا، فإننا عندما
نقول "آمين" بعد الفاتحة،
فإننا نقولها ونحن نطلب
من الله هذه النعمة العظيمة،
ونحن ندرك بعقولنا
وقلوبنا أن أعظم ما يمكن أن نحصل عليه هو رضاه ورؤيته في الآخرة.
فالقيام في الصلاة —
في حد ذاته —
هو قيام من أجل
الوصول إلى رضا الله،
وأعظم درجات هذا
الرضا أن نُكرم بلقائه والنظر إلى وجهه الكريم في جنات النعيم.
وهذه هي أول وأهم نية
يجب أن تكون حاضرة في قلوبنا عندما نقرأ دعاء التأمين بعد سورة الفاتحة.
وندعو الله أن يرزقنا
هذا الفضل العظيم.
النقطة الثانية: فإن الله سبحانه وتعالى
خلق مختلف الأحوال والظروف، ونحن منذ صغرنا نعلم أن الله تعالى قال: "لقد خلقنا الإنسان في كبد"، أي في مشقة وتعب.
فالإنسان في حياته
يمر بأحوال كثيرة ومختلفة، ويواجه اختبارات متنوعة،
منها الابتلاءات
والكوارث، بل إن كثيرًا من الأطفال يولدون وهم يعانون من إعاقات خلقية منذ ولادتهم.
وقد خلقنا ربنا
العظيم في هذه الدنيا، وهي بيئة مليئة بالصعوبات،
ووهبنا أنواعًا من
الابتلاءات لكي نرتقي ونستحق النعيم الأبدي في الآخرة.
لذلك، حياتنا مليئة بتقلّبات
الأحوال والظروف،
ومهما كانت حالتنا —
وخاصة في أوقات الشدة —
فإننا لا نجد من نلجأ
إليه بحق إلا ربنا المربي،
نطلب منه أن يُسهّل
لنا الصعوبات، ويزيل عنا الابتلاءات،
ويمنحنا أحوالًا طيبة
في الدنيا، وجزاءً كاملاً في الجنة في الآخرة.
ومهما واجهنا من مشقة
في الدنيا، فإن الواجب علينا هو الصبر والثبات،
وقد قرن الله بين الصبر
والصلاة في القرآن الكريم، حيث قال في سورة البقرة، الآية 153:
"يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ"
علينا أن نلاحظ أن
الله ذكر الصبر مع الصلاة،
وفي سورة الفاتحة
التي نقرأها في كل صلاة مفروضة 17 مرة يوميًا،
نختمها بطلب الهداية
للصراط المستقيم،
ولذلك، فإن دعاء
التأمين (آمين) الذي يُقال بعدها يُقال 17 مرة يوميًا على الأقل.
وهذا يعني أن العبد —
في كل أحواله — يُكرر دعاءه إلى الله، أن يهديه إلى الصراط المستقيم،
مهما كانت الصعوبات،
فلا ينحرف عن الطريق، ولا ييأس، ولا يفقد الأمل في نصر الله.
ولهذا، قال بعض
العلماء إن "آمين" تعني:
"اللهم لا تخيبنا" — فالله لا يُخيّب من توكّل عليه.
مهما عظُمت المصاعب،
فنحن نُوكل أمرنا إليه وحده،
ونطلب منه العون
والهداية، ونسأله الثبات على الطريق،
ونناديه وحده، ونوقن
أنه لا يرد من دعاه، ولا يخيّب من رجاه.
فالدنيا صعوباتها
تزول بتيسير الله،
والآخرة فيها نعيم لا
ينقطع ولا يتغير.
ذلك لأن ربنا، إله
العالمين، منزه عن كل تغير أو تقلب أو حدود،
وكل من عبدَه بإخلاص،
وتوكل عليه، ودعاه بصدق،
فسيمنحه الله — في
الآخرة — حالة من الحياة المثالية،
تكون خالصة من
التبدلات والتقلبات،
ويعيش في كمال الرضا،
والكفاية، والنور، والسعادة الأبدية بإذن الله.
النقطة الثالثة، فإننا عندما نقرأ سورة الفاتحة في الصلاة، ونختمها بقول
"آمين"، فإننا في الحقيقة ندعو ربنا أن يتقبل دعائنا ويتجاوز عن ذنوبنا،
لأن وقت الصلاة هو أعظم أوقات الذكر والخضوع لله سبحانه وتعالى.
في الصلاة:
- أجسادنا طاهرة لأننا على طهارة ووضوء.
- أرواحنا نقية لأننا نتلو كلام الله ونذكره.
- قلوبنا متوجهة إلى الله تطلب رضاه فقط.
وفي هذا السياق، فإن قول
"آمين" بعد سورة الفاتحة يحمل في معناه طلب المغفرة،
كأننا نقول: "اللهم اغفر لنا وتقبل منا".
وقد جاء في الصحيحين عن
النبي محمد ﷺ أنه قال:
"إذا أمّن الإمام
فأمّنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غُفر له ما تقدم من ذنبه."
وفي صحيح مسلم أيضًا:
"من قال آمين، وقالت
الملائكة آمين، فوافقت إحدى الكلمتين الأخرى، غُفر له ما تقدم من ذنبه."
من هذه الأحاديث،
نفهم أن قول "آمين" بإخلاص في الصلاة سبب في مغفرة الذنوب،
وأن الله عز وجل ــ
برحمته ــ يغفر لعباده عندما يتضرعون إليه بهذا الدعاء القصير العظيم.
وهكذا نرى أن الصلاة
لا تعني فقط الحركات البدنية،
بل هي حالة كاملة من
الطهارة:
- طهارة الجسد
- طهارة الروح بذكر الله
- طهارة القلب بالتوجه إليه وطلب رضاه.
فكل هذه الطهارات
الثلاث تُظهر صفة النقاء والقداسة في العبد.
وإن الطهارة والقداسة
التي نراها في الإنسان، والملائكة، وكل مخلوقٍ أظهر طاعة لله،
ليست من ذاتهم، بل هي
من فيض صفات الله عز وجل،
لأنه هو الذي:
- يملك الحياة الأبدية القائمة بذاتها،
- وله الروح الطاهرة الكاملة،
- وكلامه مقدس وكامل،
- ويستحق الذكر والتسبيح والتقديس والعبادة.
لهذا، فإن الملائكة —
مع أنهم لا يملكون حرية الاختيار — إلا أنهم يُظهرون القداسة ويعبدونه تسبيحًا
دائمًا.
أما الإنسان، فلكي
يُظهر قداسة خالصة ونقاءً مقبولًا عند الله،
فعليه أن يعبد الله
وحده بإخلاص،
وأن يكثر من الاستغفار
والتوبة،
لأن الاستغفار هو نوع
من الذكر يطهر القلب ويجعل العبد في حالة دائمة من التنزه عن الذنب والتقرب من
الرب.
لهذا، فإننا عندما
نختم الفاتحة بدعاء:
"اهدنا الصراط
المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين"،
نقول بعدها: "آمين" — أي: "اللهم استجب".
وهذه الاستجابة تشمل:
- قبول صلاتنا.
- مغفرة ذنوبنا.
- قبول توبتنا.
- منحنا نقاء القلب وصفاء الروح.
فإذا كنا حقًا نطلب
الهداية، ونرجو قبول العبادة،
فلا بد أن نكون من
الذاكرين المستغفرين،
الذين يعيشون حالة دائمة
من الطهارة والإنابة.
وبهذا، فإن قول
"آمين" بعد الفاتحة ليس مجرد كلمة،
بل هو توقيع العبد
على طلب المغفرة والقبول،
وهو باب من أبواب
الطهارة الروحية والتقديس القلبي،
الذي يصل بالعبد إلى
رضوان الله سبحانه وتعالى.
النقطة الرابعة من فوائد وأسرار قول "آمين" بعد سورة الفاتحة أثناء الصلاة،
فإنها تتعلق بطلب البركة والخيرات، لأن الفطرة البشرية تميل دائمًا إلى طلب النِعم
والتوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة.
فعندما ننتهي من
تلاوة الفاتحة — تلك السورة التي افتتحها الله بالحمد والثناء عليه، وختمها بطلب
الهداية — فإننا بقولنا "آمين" نُعبّر عن رغبتنا الصادقة في أن يُتمّ
الله علينا نعمه ويمنحنا بركاته، خاصة ونحن في حالة عبودية وخشوع تام في الصلاة.
طلب البركة من الله
وحده
الله سبحانه وتعالى
هو:
- رب العالمين، أي خالق ومدبّر كل شيء.
- الرحمن الرحيم، الذي تشمل رحمته كل الخلق.
- وهو الذي يحب أن يُدعى ويُرجى في جميع الأمور.
والله علّمنا في
القرآن أن نطلب البركة في الدنيا والآخرة، تمامًا كما بارك لعباده الصالحين:
- بارك لإبراهيم عليه السلام في ذريته.
- بارك لسليمان عليه السلام في ملكه وسلطانه.
- وبارك لعباده في العلم، والرزق، والذكر، والقبول بين الناس.
وهكذا يُعلّمنا الله
أن نلجأ إليه دائمًا بطلب البركة في كل شيء، لأنه وحده القادر على ذلك.
لماذا نقول
"آمين" بعد الفاتحة في الصلاة؟
لأننا عندما نقف في
الصلاة، نكون في أطهر وأقرب حالة إلى الله:
- قد تطهرت أبداننا.
- واستحضرت قلوبنا.
- وتفرغت أرواحنا للوقوف بين يديه.
وفي هذه اللحظة، تختلف
حاجاتنا البشرية:
- منا من يطلب العلم.
- ومنا من يطلب الرزق.
- ومنا من يرجو الذرية الصالحة.
- ومنا من يسأل العافية.
وكل هذه الأمور، إذا
أُعطيت لنا من عند الله مقرونة بالبركة، فإنها تكون نعمة حقيقية.
فالبركة تعني:
- دوام الخير،
- وزيادته،
- ونفعه الحقيقي في الدنيا والآخرة.
الارتباط بسورة
الفاتحة
- عندما نقول في بداية الفاتحة:
"الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
فنحن نثني على الله ونُعلن رضانا به ربًا ورازقًا ومعينًا. - ثم نقول:
"الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ"
أي: نُشير إلى رحمته العامة والخاصة التي بها تأتي كل بركة. - فالثناء في الفاتحة ليس فقط عبادة، بل هو مدخل لطلب البركة والخير.
- وهذا ما تؤكده الآية التي وصف الله فيها دعاء أهل الجنة:
"وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
فالحمد لله هو شعارهم في الجنة، كما أنه كان دعاءهم في الدنيا.
الخلاصة
عندما نقول "آمين" بعد الفاتحة:
- فإننا نُوقّع على طلبنا للهداية، والمغفرة، والبركة.
- نرجو من الله أن يجعل علمنا نافعًا، ورزقنا مباركًا، وذريتنا صالحة،
وصحتنا معافاة.
- ونطلب من الله أن يمنّ علينا ببركة الدنيا، ثم الجنة في الآخرة، حيث
النعيم الأبدي، ورؤية وجهه الكريم.
لذلك، فإن
"آمين" هي كلمة واحدة تختصر أعمق مشاعر العبودية والرجاء، وتحمل في
طيّاتها طلبًا شاملًا لكل أنواع الخير والبركة من رب العالمين.
وأخيرًا نقول: في
حياة الإنسان، عندما يبدأ تحمُّل المسؤولية، فعليه أن يعمل الخير، وأن يدعو الله
أن يتقبل منه هذا العمل الصالح، وهذا أول ما يجب أن يحرص على الدعاء به باستمرار.
النقطة الثانية: في
حياة الإنسان، ومنذ تحمُّل المسؤولية، تظهر له الكثير من المحن والظروف المختلفة،
وفيها يجب أن يُكثر من التوجه بالدعاء إلى الله وحده، ويطلب منه وحده أن يرفع عنه
الشدائد.
النقطة الثالثة: منذ
تحمُّل المسؤولية، غالبًا ما يرتكب الإنسان بعض المعاصي والذنوب بسبب طبيعته
البشرية، لذا يجب عليه أن يكثر من الاستغفار والتوبة.
النقطة الرابعة: لا
يقتصر الأمر على المسؤولية فقط، بل عليه أيضًا واجبات إنسانية وشرعية، فيجب أن
يسعى لزيادة عمله الصالح، وأن يطلب البركة، ويسأل الله أن يرزقه الخير المتواصل،
فلا يطلب ذلك إلا منه وحده.
ولهذا، في الآية
الخامسة من سورة الفاتحة، يقول الله تعالى:
"إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"
وقد سبقها ذكر الله
بصفاته بأنه ربّ العالمين، ومالك يوم الدين، وهو الرحمن الرحيم.
وقبل هذه السورة،
نقرأ دعاء الاستفتاح الذي نبدأه بذكر اسمه الأعظم، "اللّه"، الاسم الذي
يجب أن يُعبد وحده ولا يُشرك به أحد.
في حياتنا اليومية،
إذا التزمنا بهذه الجوانب الأربعة بأن ندعو الله وحده دون شريك، ونقف أمام ربنا
أثناء الصلاة، ونكون على طهارة جسدية، ونملك أرواحًا سليمة، وقلوبًا طاهرة، فإننا
عندما نسبّحه ونمجّده ونثني عليه، نكون في الحقيقة نرجوه أن يستجيب دعاءنا.
فعندما ندعوه قائلين: "اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ"، فإننا نطلب منه أن يهدينا
إلى الطريق المستقيم — طريق الذين أنعم عليهم، لا طريق المغضوب عليهم ولا الضالين.
وهذا هو الطريق الذي
يكون مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وهؤلاء هم أهل الحُسنَى في
الدنيا والآخرة. من سار على طريقهم، يمكنه تحقيق كل خير، وكل ما يحتاجه الإنسان من
مطالب فطرية ومعنوية.
هذا ما أردت مشاركته
معكم عن أهمية وأسرار قول "آمين" بعد قراءة الفاتحة في الصلاة.
أكتفي بهذا القدر
لهذا اليوم، فإن كان هناك زلل في التعبير أو قصور في الشرح، فأستغفر الله العلي
العظيم، وأرجو من إخوتي المعذرة والتسامح.
السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
تعليقات
إرسال تعليق