(3) سورة البقره "الإيمان "معناه وأبعاده في ضوء القرآن وتفسير الصحابة"
مقدمة :
فإن من أعظم القضايا التي
ينبغي للمسلم أن يقف عندها ويتأملها، هي قضية الإيمان ذلك الأصل العظيم الذي تقوم عليه العقيدة، وتنبني عليه الأعمال، وتُرجى به
النجاة في الدنيا والآخرة.
وقد تنوعت أقوال
العلماء في بيان معنى الإيمان، فمنهم من جعله تصديقًا جازمًا، ومنهم من رآه خشية
وتقوى، ومنهم من قال: هو العمل الصالح بعينه، وكل ذلك مستفاد من القرآن الكريم ومن
فهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، كما ورد في تفسيرهم لقول الله تعالى في سورة
البقرة "
يؤمنون بالغيب" .
وفي هذا الدرس، نقف
معًا على تفسير الإيمان كما ورد في القرآن وتفسير الصحابة، ونفصّل أركانه الستة،
ونتأمل كيف يتجلى في حياة المسلم بين القلب والقول والعمل، لنصل إلى فهم أعمق
يُعيننا على تثبيته في أنفسنا والسير به إلى الله سبحانه.
السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
تحية طيبة لإخوتي
وأخواتي ونحمد الله العلي العظيم، ونسأل الله أن يصلي ويسلم على نبينا خاتم
الأنبياء محمد ﷺ، وأن يرضى عن جميع الصحابة.
الموضوع الذي أود
مشاركته معكم اليوم هو: معنى الإيمان.
فيما يتعلق بالإيمان،
فإن للعلماء تفسيرات مختلفة، وسنستعرض بعضاً منها بالاستناد إلى تفسير الصحابة في
"تفسير الطبري".
في سورة البقرة، عند
الحديث عن إيمانهم، فسر ابن عباس (رضي الله عنه) ذلك بأنه التصديق الجازم؛ وفسر
الزهري (رضي الله عنه) بأنه الأعمال الصالحة؛ وفسر أنس (رضي الله عنه) بأنه الخوف.
هذه ثلاثة تفسيرات مختلفة.
أركان الإيمان الستة
هي: الإيمان بالله، الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالملائكة، الإيمان بالكتب،
الإيمان بالرسل، الإيمان بالقدر.
من الناحية اللغوية،
الإيمان يعني التصديق الخالص، أما من حيث الشريعة، فإنه يشمل التصديق والعمل
والقول.
وسوف أستند إلى فهم
الصحابة الثلاثة لمعنى الإيمان، لأفهم من خلاله المعنى الذي يجب علينا أن ندركه
للإيمان.
لقد خُلق الإنسان
ليعبد ربه، رب العالمين، الله سبحانه وتعالى. فالعقيدة الصحيحة هي الأساس والجذر.
فما معنى العبادة؟ إذا لم يكن لدى الإنسان العقيدة الصحيحة الأساسية، فقد فقد
الأساس. إن الله العلي العظيم قد أنعم على الإنسان ومنحه النعم التي تمكّنه من
امتلاك العقيدة الصحيحة، ليصل إلى نيل خيري الدنيا والآخرة.
إن ربنا خلق
العالمين، ولم يكن ذلك فقط ليُنعِم عليهم، بل من خلال خلقه أوجد آيات تدل عليه،
لنتعرف على صفاته وفضائله وأسمائه الحسنى التي يختص بها، وهو سبحانه يشهد له بذلك.
نبدأ بتفسير ابن عباس
(رضي الله عنه) الذي قال إن الإيمان يحمل في معناه التصديق الجازم، أي التصديق
الخالص. لماذا يحتاج الإنسان إلى التصديق الجازم ليصل إلى مرتبة لا يشوبها شك أو تردد.
إن الأركان الستة
للإيمان تتضمن الإقرار بربوبية الله، والثقة التامة في خالقه، مثل الإيمان بالله،
والذي يتضمن التصديق بأنه حق وموجود. ولكن كيف يكون وجوده؟ لقد خلق الخلق، وقد وصف
ذاته بقوله: "ليس كمثله شيء".
فلا يكفي أن نؤمن
بوجوده فقط، بل يجب أن نعتقد أن وجوده لا يشاركه فيه أحد.
وقد منحنا الله
العقيدة الصحيحة لنؤمن بوجود الدنيا والآخرة.
الدنيا نتعرف عليها
من خلال الكتب السماوية، وفيها سبع سماوات وسبع أراضٍ وما فيها من مخلوقات. وفي
الآخرة يُبعث البشر والجن، ويكون المصير إلى الجنة أو الأعراف أو النار، وكلها
تحوي تحولات مكانية. وقد أخبرنا أن بين الدنيا والآخرة قيام الساعة، ثم البعث، وأن
العالم بأسره سيفنى، ولن يبقى إلا هو سبحانه.
وبعد البعث، يُكرِم
من يدخل الجنة برؤية رضاه، ومن هذا نفهم أنه يجب علينا أن نؤمن إيماناً جازماً بأن
ذات ربنا ليست محصورة في مكان، فقد خلق المكان وهو غير خاضع له، ويجب أن نوقن بذلك
يقيناً تاماً.
لقد أمرنا الله أن
نؤمن بالملائكة، وهم خلقٌ من خلقه، عباده المكرمون، ينفذون أوامره ومشيئته،
ويبلغون رسالته إلى البشر، ويقومون بالمهام التي كلفهم بها ربهم الكريم. تختلف
مهام الملائكة، فلكل منهم مجال محدد، وباب معين، يديرونه ويختصون به. فهم يعملون
ضمن تقسيم وتعاون لإتمام الأوامر الإلهية التي أُسندت إليهم، وهذا كله يتضمن أمر
الله ومشيئته.
فعندما نؤمن
بالملائكة، ندرك أن كل شيء في هذا الكون محكوم بمجالات وضوابط محددة، سواء في
العلم أو في العمل أو في الأخلاق، فالخلق كله محدود وليس حراً مطلقاً.
رغم ما للملائكة من
طهارة عظيمة وقدرات هائلة من زاوية معينة، فإنهم مع ذلك محكومون بمهام محددة،
وأبواب مختلفة، وكلٌّ منهم مقيد بمجاله الخاص.
وعندما نؤمن
بالملائكة، يجب أن نعلم أن الله العلي العظيم قد منح هذا الخلق مجالات مختلفة،
ومنحهم القدرة والسلطة على إدارتها، وأبلغ البشر بذلك.
لأن الرب المربي –
الإله الحق رب العالمين – هو العليم، الكامل في صفاته، القادر على كل شيء، ولا
يقيده أي مجال أو حد، فلا يجوز أن يُقال إن ذاته تدخل ضمن أي مجال.
فحين نؤمن بالملائكة،
يجب أن نوقن يقيناً تاماً بهذا المعنى.
لقد منحنا الله
الإيمان لنؤمن بكتبه، سواء الكتب التي أُنزلت على من سبق من الأمم، أو القرآن
الكريم المحفوظ إلى يوم الدين. فكتبه سبحانه أزلية غير مخلوقة، لأن لغته من ذاته،
وهو خالق العالمين، ولغته سبحانه وتعالى ليست مخلوقة، فهي من صفاته الأزلية التي
لا تنفصل عنه، وهي وسيلته لهداية البشر.
فإذا قام الإنسان
بتحريف كلامه بدافع الهوى، فإنه يُعرض عنه، أما القرآن الكريم فهو محفوظ، لا تطاله
يد التحريف، ولا يزول بمرور الزمان، لأنه هدى دائم لنا.
فعندما نؤمن بالكتب،
يجب أن نؤمن يقيناً بأن ربنا يمتلك روحاً أزلية حيّة، مكتفية بذاتها، متعالية عن
كل نقص، وهذه الروح من رحمته الشاملة للعالمين، تهدينا إلى أن نكون من أهل الخير
في الدنيا والآخرة.
وعندما نؤمن بالكتب،
فإننا نجعلها ميزاناً لأعمالنا، ونستمد منها ذكر الله وتسبيحه، لننعم بنفوس طاهرة
مطمئنة. ففي الدنيا ننال الخير، وفي الآخرة نحصل على الجنة – الجزاء الأبدي بلا
نهاية – وهذا كله يدل على أن ربنا سبحانه لا يحدّه الزمان، فهو الأول بلا بداية،
والآخر بلا نهاية.
وقد أمرنا بالإيمان
بالرسل الذين أرسلهم لهدايتنا إلى الصراط المستقيم، لأن اتباع طريق الرسل هو طاعة
لله، وطاعة الله تعني عدم الإشراك به.
فنحن نشهد لربوبيته
أنه وحده الخالق والمربي، ونشهد لملكه أنه وحده المتصرف، ومالك يوم الدين، لا شريك
له، وهو الإله الحق المعبود في العالمين، لا شريك له في ألوهيته.
ولا يكون اتباع الرسل
إلا باتباع دقيق، لأن الإيمان يشمل العمل، ولهذا فحين نؤمن بالرسل يجب أن يكون
لدينا إيمان راسخ بأن الله هو الرب الواحد، مالك يوم الدين، والمعبود وحده، لا
يُشرك به أحد.
لقد منحنا الله
الإيمان لنؤمن بالقدر، لأنه سبحانه خلق هذا العالم، وخلق الخير والشر، وهو الذي
يهدينا لننال حسن الخاتمة من كلاهما. فعلى سبيل المثال، عند مواجهة المصائب،
يمكننا الصبر عليها فننال بها الخير.
وقد منحنا ربنا سعي
البقاء والتلبية، فنواجه الصعوبات ونتغلب عليها، بل قد تتحول المشاق إلى أمور
ميسرة، ومن أجل حلها نجد في خلق الله نعمًا متعددة.
وعند نيل نعم الله،
يُطلب منا أن نستزيد من الأعمال الصالحة، ونُظهر الحرص على نيل الجزاء الحسن،
فالإيمان بالقدر يحمل هذه الفوائد العظيمة.
وقد خلقنا الله
بطبيعة فيها رغبات، سواء كانت مادية أو جسدية كالشهوة للطعام والجنس، أو روحية كحب
السيطرة، والسمعة، والمجد، والحب، فهذه الرغبات قوية، والإنسان بطبعه يريد أن يثبت
وجوده.
فغير المؤمنين يرون
ذلك من خلال الإنجاب واستمرار النسل، بينما المؤمنون يوقنون بالآخرة، ويؤمنون بأن
حياتهم ستُبعث من جديد.
ومع هذه الرغبات
الشديدة، يبحث الإنسان وسط ما يُصيبه من خير وشر، في ظل القدر الذي خلقه الله، عن
النعم، وهذا هو ما دفع الحضارة الإنسانية إلى التقدم والازدهار.
فبسبب خضوع الإنسان
للقدر، يسعى باستمرار نحو الخير، فينمو ويتطور.
أما خالق القدر، فلا
يخضع له، وما يُظهره الرسل من معجزات هو دليل على ذلك، فهي خارقة للقدر المعتاد.
فهو وحده المطلق
الحرية، لأنه لا تقيده شهوة أو رغبة، فهو الغني بذاته، لا يشبه أي من خلقه
المحدودين بالرغبات.
وعندما نؤمن بالقدر،
يجب أن نوقن يقينًا تامًا بأن ربنا هو الحقيقي، الأوحد، المطلق الحرية، يقول للشيء
كن فيكون.
الآن نفهم أن من
العلماء من يرى أن الإيمان يحمل في معناه الخوف، أي الخشية والتقوى. وإذا ذُكرت
الخشية، فإن ذلك يعني الخوف من عقاب الرب، والابتعاد عن نواهيه، والقيام بما أمرنا
به من أنواع العبادات، سواء كانت تتعلق بحقوق الناس، أو بحقوق الله، أو بتهذيب
النفس، وذلك في ظل ما فرضته الشريعة الغراء من أحكام يجب علينا تحقيقها في واقعنا.
فهذا الخوف يشمل كل
هذه المعاني.
وإذا تحقق العبد
بالخوف، وأصبح من المتقين، فإن الرب يخبرنا بأنه يكون مع المتقين، وهو معهم. فما
صفات هذا العبد؟ إنه ينال من نعم كلام الله، كالوحي، بل وقد يُكلمه ربه من وراء
حجاب، أو يُبلغ إليه الكلام بواسطة الملائكة.
هؤلاء العباد يتميزون
بنفوس مطمئنة، وأرواح طاهرة، وهم قادرون على إظهار هداية الله العلي العظيم للبشر
– أي الإسلام – كدين وشريعة، ليصبح ذلك مظهراً فيهم، فهم بعبوديتهم لله يُجسّدون هذا
الدين.
فلا بد لهؤلاء العباد
من إيمان راسخ، إيمان بأن ربهم يمتلك ذاتاً أزلية غير مخلوقة، من روح وكلام وشريعة
تخصه وحده.
ويجب أن يكون لديهم
إيمان كامل بأوامر الله ومشيئته.
فهؤلاء المتقون
يتصفون بإيمانهم الراسخ بأركان الإيمان الستة، ويُظهرون شهادة التوحيد، أي الإيمان
بوحدانية الله.
نقرأ الآن المعنى
الثالث، وهو أن بعض العلماء فسروا الإيمان بأنه الأعمال الصالحة.
وقد ذُكر الإيمان
مقترناً بالأعمال الصالحة في مواضع من القرآن الكريم، ومنها في سورة التين – الآية
6:
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 6]
أي: "لكن الذين
آمنوا وعملوا الصالحات، فلهم أجر غير منقوص ولا منقطع."
لذا، فإن بعض العلماء
فهموا من الآيات أن العمل الصالح هو التفسير الكامل للإيمان. فالإنسان قد يعمل
عملاً صالحًا، ثم يقع في معصية، وقد يكون في حالٍ من عدم الاستقرار في أعماله
الصالحة. ومن الناحية الشرعية، يقول العلماء إن الإيمان يزيد وينقص، لأن أقوال
الإنسان وأفعاله لها دور في حفظ الإيمان وتشهد عليه.
فالكافر لا يمكن أن
يؤمن بأن الصلاة عبادة صالحة، لأنه لا يحمل الإيمان في قلبه.
أما الشخص الذي يؤمن
بأن الصلاة عبادة أمر بها الرب، ولكنه لا يصلي، فإن فعله هذا يدل على ضعف إيمانه،
لأنه لم يحقق الإيمان بالآخرة ويوم الحساب – حيث تكون الصلاة أول ما يُحاسب عليه
على الصراط – مما يدل على هشاشة إيمانه بالبعث.
فربنا، سبحانه
وتعالى، لم يمنحنا فقط الإيمان – الإيمان الذي يوصلنا إلى التوحيد والإقرار
بوحدانية الرب – بل أعطانا أيضًا أعمالًا وسلوكيات نمارس بها هذا الإيمان. فقد
أنزل إلينا دين الإسلام، ودعانا فيه إلى السعي لنيل الجزاء الحسن.
وفي كل هذه الأعمال
الصالحة، يجب أن لا نشرك أحدًا مع الله، وأن نطلب الأجر منه وحده، ونسعى لنيل نعمه
في الدنيا والآخرة، خاصة رضاه الذي يظهر في أعظم نعمة في الآخرة: رؤية وجهه
الكريم. وهذه هي المرتبة العظمى – "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه
فإنه يراك" – فمن وصل إلى هذا المقام فقد بلغ درجة الإيمان الكامل.
أما من يحقق عبادة
الله وحده، فهو من يؤمن بالغيب، كما جاء في سورة البقرة، أنهم يقيمون الصلاة،
وينفقون مما رزقهم الله.
هؤلاء الذين يتصفون
بعبادة الله وحده، يؤمنون إيمانًا راسخًا بيوم الحساب، وبالعدالة في التعامل مع
الناس، لذا لا يظلمون أحدًا. ويكون ميزانهم في الصراط على أكمل وجه. وهم يعلمون أن
دخول الجنة برحمة الله، ويعلمون أن مراتب الجنة تُرفع بالأعمال الصالحة، ولذلك
لديهم يقين بهذا.
من يعبد الله وحده،
يؤمن بالملائكة، ويعلم أنهم خلق حقيقي، لأنهم بأنفسهم يطيعون الأوامر، وهؤلاء
الناس يتبعون طريق الرسول، ويعظمون كلام الله، ويطلبون خير الدنيا والآخرة في ظل
القدر، فيجعلون من المصيبة نعمة، ويزدادون خيرًا فوق الخير، فهم من المحسنين.
ولهذا، فإن تفسير
الإيمان عند العلماء يشمل الإيمان الذي يتجسد في العمل الصالح، لأن من بلغ مقام
الإحسان – أن تعبد الله كأنك تراه – يكون كثير الحسنات، ومؤمنًا إيمانًا راسخًا
بأركان الإيمان الستة.
والآن نُجري ختامًا
موجزًا:
إن ربنا قد اختار من
البشر من يعبدونه، ومنحهم الإيمان – الإيمان الذي يُسمى "الإيمان
الكامل" – والذي لا يتحقق إلا إذا اتصف صاحبه بخشية الله، وسعى بكل عمل صالح
لنيل رضاه.
ومن نال هذا الإيمان
وامتلكه، فإنه لا ينال فقط خيري الدنيا والآخرة، بل يشهد أن ربنا لا يُشرك به في
وجوده، فيبلغ بذلك مرتبة "توحيد الربوبية".
كما يشهد أن ما يختص
به الرب من ذات وروح وكلام وأمر ومشيئة، لا يُشرك به أحد، فيحقق "توحيد
الأسماء والصفات".
ويشهد أنه هو الرب
المتصف بأسمى صفات الرحمة والخير، وهو الذي يُعبد وحده، فيحقق بذلك "توحيد
الألوهية".
فبهذه الشهادات
الثلاث، يتحقق الإيمان الحق، الإيمان الراسخ.
ومن خلال هذا
الإيمان، ينال الإنسان خيري الدنيا والآخرة، وخاتمة حسنة فيهما.
هذا ما أحببت مشاركته
معكم من تفسير يسير لمعنى (الإيمان الكامل) – وأرجو أن يكون فيه نفع، فإن كان فيه
خطأ أو تقصير أو غموض في البيان، فأسأل الله العفو والمغفرة، وأرجو من الإخوة
والأخوات المعذرة.
جزاكم الله خيرًا على
المتابعة والمشاركة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليقات
إرسال تعليق